روائع مختارة | واحة الأسرة | نساء مؤمنات | وكان مســــاء!!!

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > نساء مؤمنات > وكان مســــاء!!!


  وكان مســــاء!!!
     عدد مرات المشاهدة: 2947        عدد مرات الإرسال: 0

كانت ليلة خريفية ناعمة من تلك الليالي التي تسري فيها درجة خفيفة ومنعشة من البرودة.. كانت الساعة تقارب التاسعة عندما وصلت إلى هناك، منزل بسيط لا تشتعل فيه الأضواء معلنة عن العرس ولكن كثرة المدعوين الملفتة هي الإعلان الحقيقي عن ذلك العرس الذي طال إنتظاره ربما منذ أكثر من ثلاث سنوات، دلفت للحجرة التي تجلس فيها العروس.. فتاة خمرية اللون سوداء العينين تجلس بفخر وإعتزاز بعد أن حققت حلمها الذي انتظرته منذ سنوات.

العروس الجميلة لم تتجاوز بعد عامها السابع عشر ولاتزال طالبة في المرحلة الثانوية.. عندما صافحتها جلست بجوارها وأنا أتأملها في ثوبها المطرز بدقة.. كان ثوبا أزرق اللون موشى بخيوط ذهبية رقيقة.. إبتسمت لي بسعادة غامرة وهي ترفع يديها كي أرى شبكتها الذهبية التي إنتقتها بعناية، أبديت إعجابي بذوقها المتميز وباركت لها ونظرت في عينيها وأنا أسألها:

ـ ولكنك لازلت صغيرة جدا على تحمل هذه المسئولية، وصمتُّ هنيهة، ثم أردفتُ: وماذا عن عامك هذا في الثانوية العامة هل ستكملين دراستك الجامعية فلقد عهدناك متفوقة متميزة؟

أخذت تداعب شعرها الأسود الطويل وهي تبتسم إبتسامة واسعة، وقالت: صغيرة؟! لست صغيرة أبدا.. هل تصدقين أن هذا الخاطب ينتظرني منذ ثلاث سنوات؟، كنت وقتها في الإعدادية ولذلك رفض أهلي وقالوا لي لازلت صغيرة لكنني لم أكن أشعر وقتها أبدا أنني صغيرة، كانت مشاعري فياضة وأحاسيسي عميقة ولكن لم يستمع لي أحد.

تهدج صوتها وهي تقول لي: لماذا لا تشعرون بنا؟ معظم صديقاتي اللاتي لم يخطبن وقعن في الحب فهل هذا مايريده الكبار علاقة حب سرية في الخفاء وكلمة لا أفكر في الزواج الآن مشغولة بدراستي في العلن؟.

فوجئت برد فعلها الساخن وكلماتها الحادة وأعجبني منطقها لم أكن أعتقد أنها تمتلك فكرا واضحا لهذا الحد تلعثمت وأنا أقول لها ولكن.. لم تدعني أكمل عبارتي فلقد كانت لاتزال منفعلة فأكملتها لي: الدراسة، أليس كذلك؟

أومأت لها موافقة فتنهدت من قلبها ونظرت لي بثقة وعيناها في عيني، وقالت: أنا حريصة جدا على دراستي ولقد إشترطت عليه ألا يقف في طريق طموحي العلمي، ثم عادت لهدوئها وإبتسمت مرة أخرى برقة وقالت لي بصوت منخفض: صدقيني الحالة العاطفية المستقرة أكبر عون على الدراسة.

بادلتها الإبتسام وأنا أنظر في عينيها الناعستين وقلت لها: الزواج مسئولية وواجبات كثيرة.

عادت نظرة الثقة والتصميم لعينيها وقالت: سأنظم وقتي وأرتب حياتي من حقي أن أعيش تجربتي.

قبلتها وأنا أبارك لها مرة أخرى وأدعو لها من قلبي بالنجاح وإستئذنت بالإنصراف.

في طريق العودة كانت نسمات البرودة قد إزدادت وكانت تهب نسمات خريفية محملة بصقيع الشتاء إستنشقتها بعمق وأنا أتذكر كلماتها، لماذا لا تشعرون بنا؟.

الكاتب: فاطمة عبد الرءوف.

المصدر: موقع رسالة المرأة.